هشاميات

الاثنين، ٢٧ رجب ١٤٣٠ هـ

الاستثمار في (العلامة التجارية) .. دعوة للاهتمام!!

على الرغم من التطورات العالمية المتسارعة ، إلا أن لكل ظاهرة وجهها الآخر، ولذلك فإن العولمة التي كانت وما تزال موضوع جدل طويل وتهويل لحد المبالغة من مخاطرها، لم تحظ بقراءة متأنية ومحاولة جادة للنظر إلى ما خلف الصورة القاتمة البادية لنا.
هموم محلية برؤيا عالمية، ربما يكون هو العنوان المثالي لقضيتنا المطروحة وهي متشعبة ومعقدة ولكنها تتطلب قدراً بسيطاُ من الاهتمام لتفادي معضلاتها وحصد مميزاتها، وبما أن القضية تهم كل زملاء الهم الصناعي بالمملكة، فإنني بصدد تسليط الضوء والوقوف عند بعض المحطات للتأمل والتفكير، وتقاسم بعض الهموم ذات الصلة بالقطاع الصناعي، وهو نشاط اقتصادي استراتيجي تعول عليه بلادنا لتحقيق أمرين أساسيين:
تنويع القاعدة الاقتصادية، وخلق المزيد من فرص العمل للشباب السعودي.
الوجه الآخر للعولمة:المحطة الأولى، هي بمثابة دعوة لقراءة متأنية وأكثر عمقاً للوجه الآخر للعولمة التي علينا التعامل معها كأمر واقع، فثمة جوانب فيها يمكننا استثمارها لصالح اقتصادنا الوطني. لكن لا يعني ذلك أننا نتحدث عن عولمة بلا مخاطر أو تحديات، لأن التحديات هي المخاطر التي يجب أن نرتادها ونتوغل داخل نطاقاتها إذا أردنا أن نجني ثمار العولمة فثمة آليات علينا إبداعها لمواجهة تحدياتها، ودروس علينا تعلمها لكسب معاركها، بعد أن أصبحت حقيقة ماثلة تضع مؤسسات وشركات قطاعنا الصناعي وغيرها أمام تحد البقاء أو الفناء.
إن التحديات التي يحذر منها البعض هي بنظري الحافز الرئيس لصناعتنا الوطنية للتطور والمضي قدماً نحو العالمية، كما أن تلك التحديات قد تفرض نمطاً من إعادة الهيكلة القسرية على قطاعنا الصناعي ومن ثم تقوده لاكتشاف المزيد من القدرات الكامنة لديه وهذا ما قد نراه في لاحق السنوات بإذن الله، ذلك وجه من العولمة لم نتأمله كثيرا!!
الاندماج الثقافي:المحطة الثانية ثقافية، تتعلق بضرورة أخذ زمام المبادرة والتحول من موقع الدفاع والخوف، إلى الهجوم ونقل التنافس المشروع إلى قلب الأسواق العالمية، عبر ضخ المزيد من منتجاتنا الوطنية ذات المزايا النسبية والتنافسية العالية إليها.
ولذلك أعتقد أن الوقت قد حان لتتجاوز منشآتنا الصناعية عقدة المحلية وان تتحول بكل جرأة إلى العالمية GLOBAL COMPANIES ليس بطمس الهوية الوطنية لشركاتنا، بل بتطويرها ودمجها في ثقافات بيئات أخرى أصبحت هي محل استهداف من قبل المنتج الوطني.
إن ذلك التفاعل والاندماج الثقافي هو وحده ما يمكن أن يعطي قوة لمنتج الشركة أو المنشأة التجارية لاقتحام الأسوار الجغرافية والثقافية للدول والشعوب الأخرى، إنه حضور تجاري إلى حيث الجغرافيا بأدوات ثقافية.هذا بدوره يقودنا إلى طرح أسلوب أو سياسة جديدة لإعادة الهيكلة من نوع آخر لم يناقش لدينا في المملكة ربما على نطاق واسع من قبل، يتعلق بالثقافة الداخلية لشركاتنا الوطنية.
إن إعادة هيكلة ثقافة الشركة وإنشاء إدارات متخصصة لتطوير البنية الثقافية لشركاتنا الوطنية هي من التحديات الجديدة التي تحتاج من مجالس إدارات الشركات الاهتمام. ويتكامل ذلك مع ضرورة إلمامنا الواسع بثقافات الآخرين والتعرف على اللغات والأدوات المناسبة لترويج منتجاتنا في أسواقهم.
قوة الهوية الخاصة:ما سبق ليس كلامأ على عواهنه، فأمامنا عملياً نتائج القيمة المضافة لثقافة الشركة CORPORATE CULTURE في تعزيز قدراتها التنافسية وما تقدمه من دعم لترويج منتجاتها. ولتأكيد ما ذهبنا إليه، دعونا نتأمل ما ورد في تقرير (نيوزويك) الأمريكية حول أغلى 100 اسم تجاري في العالم لعام 2006م، لنرى أن شركة مثل "كوكاكولا" تتصدر القائمة، بقيمة سوقية لعلامتها التجارية قدرت بـ 67 مليار دولار، تليها مايكروسوفت بنحو 57 مليار دولار وآي بي إم بنحو 56 مليار دولار. أما آخر شركة في قائمة المائة فهي شركة ليفيز الأمريكية التي تقيم علامتها التجارية بـ 2.7 مليار دولار!!تلك قيم مضافة للشركات بفضل عالميتها، وهي حقائق ماثلة للاقتداء في عالم التجارة وحافز للاستثمار في خلق هويتنا وعلامتنا التجارة. كل ذلك من معالم الوجه الآخر للعولمة التي لا نفطن أو نهتم بها في عجالة تقليب المزيد من السلبيات لأمر واقع لا مفر منه.
إن الوقت قد حان لمنشآتنا وشركاتنا الوطنية وبخاصة الصناعية منها أن تهتم بخلق هويتها الخاصة بها وأن تضخ المزيد من الاستثمار لإنشاء علامتها التجارية المميزة من خلال إيجاد بنية ثقافية تحتية قوية للشركة، ذلك أن العلامة التجارية القوية ليست سوى تعبير عن ثقافة الشركة وهويتها، حتى أصبحت من أغلى أصول الشركات العابرة للقارات، وهكذا فإن العلامة التجارية بحد ذاتها فرصة استثمارية جديدة من صنع العولمة لنا.
التحول للعالمية: إن العولمة التي انشغلنا عنها بالحديث عن ظاهر إفرازاتها السالبة، تتيح لنا فرصة ثمينة للتحول من شركات محلية إلى شركات عالمية، وليس بمستبعد أن تتأهل بعض شركاتنا الوطنية للمنافسة على قائمة أغلي علامة تجارية في العالم، وبخاصة تلك الشركات التي لديها منتجات تحظى بمزايا نسبية عالية. ولا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن من بين أهم شروط التأهل للمنافسة على قائمة العلامات التجارية الأغلى وفقا لمعايير مجلة (نيوزويك)، أن تحقق الشركة ما لا يقل عن ثلث إيراداتها من نشاطها التسويقي خارج موطنها الأصلي.
من المهم الإشارة إلى أن العلامة التجارية أصبحت من أدوات الاستثمار المربحة لرجال الأعمال، حيث أن ترسيخ العلامة التجارية في ذهنية اكبر شريحة ممكنة من المستهلكين يمنحها قيمة تجارية عالية، ويمكن أن يكون لها مردود للمستثمرين على المدى البعيد، إنه استثمار طويل الأجل إذا شئنا الانخراط فيه. كما أن التقييم العالي لبعض العلامات التجارية يعد مؤشراً لأهميتها في مجال الاستثمار الجديد في قطاع الأعمال الحديث. فمع تحول الاقتصاد من الصناعة إلى الخدمات، ومن المنتجات الملموسة إلى غير الملموسة، أصبحت العلامات التجارية تشكل جزءاً متناميا من القيمة المالية.
الولاء والإخلاص للشركة:للعلامة التجارة ميزة أخرى تتمثل في عملها كآلية لتعزيز ولاء العاملين بالشركة، وإذا كانت الشركات، في كل مكان، تبحث عن تعظيم ولاء المستهلكين لمنتجاتها وعلامتها التجارية واسمها، واحترامهم لهويتها، فإن ولاء العاملين لديها هو الممر والجسر الأول للثقة بين الشركة وزبائنها Brand loyalty ، فإسهام العامل أو الموظف في صناعة الهوية التجارية، وفي ترسيخ العلامة التجارية للمنشأة والشركة التي ينتمي إليها استثمار مشترك بين الطرفين، فمن جهة يسهم ولاء الموظف في زيادة الإنتاج كماً وكيفاً، ومن جهة أخرى تمنح العلامة التجارية القوية للشركة شعوراً بالطمأنينة للموظف أو العامل الذي يشعر بانتمائه إلى مؤسسة قوية وراسخة. بل يتعدى ذلك مصالح الشركة وموظفيها، حيث أنها تمنح مساهمي الشركة شعورا أيضاً بالاطمئنان أن لديهم استثمارات آمنة.
خبراء قطاع الأعمال، يؤكدون في العديد من ملتقياتهم أن نجاح الشركة يمثل قيمة للشركة وللعاملين لديها.والأمر كذلك، لماذا لا تفكر منشآتنا وشركاتنا الصناعية في الاستثمار في العلامة التجارية وهوية الشركة لعلها في وقت وجيز تلحق بركب هذا المضمار الدولي في عالم الأعمال.
وختاماً وحتى لا يكون كلامنا مجرد تنظير، فلابد من التنويه بتجارب رائدة لشركات سعودية كبرى، فقد وصلت بعض الشركات إلى مرحلة متقدمة في هذا المجال، عبر ما يمكن وصفه بإعادة هيكلة شاملة لعلامتها التجارية وهويتها بطريقة مبسطة ومفهومة لعملائهم في السوق المحلي والعالمي، وقطعت خطوات بعيدة في هذا الجانب الاستراتيجي، ذلك حتى لا تغرد خارج سرب المنافسة العالمية.

التسميات:

ضغوط العمل


ضغوط العمل تسبب كثيرا من المشكلات الصحية ، كما أن لها نتائج سلبية تمتد إلى العمل والبيت ، وهنا قد تحدث بسببه مشكلات أسرية ، وربما تمتد إلى العلاقات الاجتماعية ، فيصبح المرء أكثر انعزالا وأقل تواصلا وتفاعلا مع المجتمع .
الشركات والمؤسسات هي الأخرى تتضرر من نتائج ضغوط العمل التي يتعرض لها موظفوها ، فتدني الإنتاجية وكثرة الغياب بدواع مرضية وتوتر العلاقات بين الموظفين وإثارة بعض المشكلات في بيئة العمل كلها نتائج سلبية تعاني منها الشركات . ومن الضروري أن تبادر الشركات لمعالجة هذه المشكلة ومساعدة موظفيها على التخفيف من هذه الضغوط .
كثير من الشركات اليوم لديها برامج خاصة وربما حتى إدارات معينة ومتخصصة لمساعدة الموظف على إدارة انفعالاته بشكل إيجابي ، وأظهرت نتائج كثير من الدراسات الميدانية أن تقديم هذا النوع من المساعدة للموظف له مردود كبير وإيجابي على حياة الموظف نفسه وعلى عطائه لعمله.
راحة الموظف تعني الإنتاجية والإنجاز ، والمطلوب استقلالية أكبر للموظف ، ومرونة أوسع في أطر العمل وتنظيماته ، وبسبب التقنيات الحديثة في التواصل الإلكتروني لم يعد التواجد في أماكن العمل مطلوبا في كل الأحوال . وكذلك فإن الدراسات العلمية عن ضغوط العمل ونتائجها السلبية على العمل شجعت كثيرا من الشركات على أن تهتم بصحة موظفيها ، بل شجعتهم على ممارسة الرياضة في أماكن عملهم .
إن تخفيف ضغوط العمل دليل على اهتمام الشركة وحسن إدارتها.

التسميات:

الخوف في العمل

تعاني بعض الشركات من ظاهرة بيئية تسمى "الخشية في موقع العمل Fear at the workplace" والتي تنشأ في بيئة العمل التي تفتقد المعايير الصحيحة لتقييم وتقويم الأداء ، والتي عادة ما يكون لوم الآخر هو الوسيلة للانعتاق من المسؤولية ، وكون علاقات الموظفين فيما بينهم تتمحور حول قيم التبعية والوشاية والتآمر، لذا يصبح واقع العمل للموظف مرهونا بقدراته على لعب تلك الأدوار بغض النظر عن فاعليته الأدائية ، وكل ما ترقى الموظف في هرم السلطة داخل الشركة يجد المنفعة في لعب تلك الأدوار لحيازة المكتسبات أكبر من الأداء الحقيقي للعمل ، مع علمه أنه لابد له من تحقيق بعض الإنجاز في العمل ، لكن بالقدر الذي يتيح له لعب تلك الأدوار بمهارة عالية ، وعندما تتعرض قدراته للعب تلك الأدوار للتحجيم أو الإلغاء من خلال برامج التطوير الإداري ، يبتدع واقعا جديدا يتمثل في خلق تحديات جديدة للشركة تشتت جهود الإصلاح .الموظف الذي يلعب تلك الأدوار بمهارة يظهر في كثير من الأحيان بصورة المصلح والساهر على مصالح الشركة والمهموم بتحقيق أهدافها، ولكنه أيضا هو من يحيك المؤامرات ويوزع التهم. وهو من يخلق الرعب في قلوب الموظفين الآخرين ليكونوا أدوات لتحقيق أغراضه ، فإذا توانى أي منهم عن تنفيذ مآربه رماه بتهم التقصير وسعى لتشويه سمعته وطرده من العمل .
الموظف المستجد في الشركات الموبوءة بـ "الخشية في موقع العمل" يواجه بعد فترة من العمل بخيارات صعبة إما أن يقبل ذلك الواقع وينتمي إلى أي من منظومات الحماية والوشاية والتآمر ، وإما أن يترك العمل في هذه الشركة ، فهو بدون مظلة الحماية صيد سهل للتهم ، لذا تستمر الشركات في المعاناة لأن من فيها هم بلاؤها.
العلاج ليس سهلاً ، وقد يأخذ سنوات طويلة عند غياب القائد المتجرد ، ويتمثل في عدد من التدخلات تشمل وضع معايير تقييم الأداء الحقيقي ، ووضع نظام عادل للتظلم ، وخلق بيئة عمل ذات مصداقية تدرك الخطأ وتعترف به ، ووضع برنامج تقصي ومعالجة ضغوط العمل ، وتبني مبدأ الشفافية في التعامل مع الموظفين ، لكن أهم خطوات علاج هذه الظاهرة هو الاعتراف بوجودها، فكثير من المؤسسات والشركات ممثلة في إداراتها التنفيذية ومجالس إداراتها لا تعترف بوجود أزمة في بيئة العمل لديها أو لا تدرك ذلك بالرغم من تدني مستوى الأداء ووضوح الأعراض .

التسميات: