هشاميات

الاثنين، ٢٧ رجب ١٤٣٠ هـ

الخوف في العمل

تعاني بعض الشركات من ظاهرة بيئية تسمى "الخشية في موقع العمل Fear at the workplace" والتي تنشأ في بيئة العمل التي تفتقد المعايير الصحيحة لتقييم وتقويم الأداء ، والتي عادة ما يكون لوم الآخر هو الوسيلة للانعتاق من المسؤولية ، وكون علاقات الموظفين فيما بينهم تتمحور حول قيم التبعية والوشاية والتآمر، لذا يصبح واقع العمل للموظف مرهونا بقدراته على لعب تلك الأدوار بغض النظر عن فاعليته الأدائية ، وكل ما ترقى الموظف في هرم السلطة داخل الشركة يجد المنفعة في لعب تلك الأدوار لحيازة المكتسبات أكبر من الأداء الحقيقي للعمل ، مع علمه أنه لابد له من تحقيق بعض الإنجاز في العمل ، لكن بالقدر الذي يتيح له لعب تلك الأدوار بمهارة عالية ، وعندما تتعرض قدراته للعب تلك الأدوار للتحجيم أو الإلغاء من خلال برامج التطوير الإداري ، يبتدع واقعا جديدا يتمثل في خلق تحديات جديدة للشركة تشتت جهود الإصلاح .الموظف الذي يلعب تلك الأدوار بمهارة يظهر في كثير من الأحيان بصورة المصلح والساهر على مصالح الشركة والمهموم بتحقيق أهدافها، ولكنه أيضا هو من يحيك المؤامرات ويوزع التهم. وهو من يخلق الرعب في قلوب الموظفين الآخرين ليكونوا أدوات لتحقيق أغراضه ، فإذا توانى أي منهم عن تنفيذ مآربه رماه بتهم التقصير وسعى لتشويه سمعته وطرده من العمل .
الموظف المستجد في الشركات الموبوءة بـ "الخشية في موقع العمل" يواجه بعد فترة من العمل بخيارات صعبة إما أن يقبل ذلك الواقع وينتمي إلى أي من منظومات الحماية والوشاية والتآمر ، وإما أن يترك العمل في هذه الشركة ، فهو بدون مظلة الحماية صيد سهل للتهم ، لذا تستمر الشركات في المعاناة لأن من فيها هم بلاؤها.
العلاج ليس سهلاً ، وقد يأخذ سنوات طويلة عند غياب القائد المتجرد ، ويتمثل في عدد من التدخلات تشمل وضع معايير تقييم الأداء الحقيقي ، ووضع نظام عادل للتظلم ، وخلق بيئة عمل ذات مصداقية تدرك الخطأ وتعترف به ، ووضع برنامج تقصي ومعالجة ضغوط العمل ، وتبني مبدأ الشفافية في التعامل مع الموظفين ، لكن أهم خطوات علاج هذه الظاهرة هو الاعتراف بوجودها، فكثير من المؤسسات والشركات ممثلة في إداراتها التنفيذية ومجالس إداراتها لا تعترف بوجود أزمة في بيئة العمل لديها أو لا تدرك ذلك بالرغم من تدني مستوى الأداء ووضوح الأعراض .

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]



<< الصفحة الرئيسية